كي لا يتحول راشد الغنوشين إلى زين العابدين
راشد الغنوشي ، سوبر مان، المهدي المنتظر، اللذي أتى من وراء البحار ثمار انتفاضة (ايه نعم ، انتفاضة ، و كان تسخايلوها ثورة ، يبطى شوية) ، و ليستقبل في المطار من قبل آلاف من حاشيته بأنشودة طلع البدر علينا ، (ألا يعتبر هذا شركا ؟؟)
و قد استهل نضال ما بعد الرابع عشر من جانفي بوعود كاذبة بعدم الترشح للرئاسية ، وظهور إعلامي محتشم ظهر فيه رجلا يمجد الديمقراطية و يؤكد على مدنية حزبه ، ثم ، و في خطوة أغبى مما هي جريئة ، اعترف في ندوة صحفية يوم 7 فيفري 2011 ، صحبة حمادي الجبالي و علي العريض و قياديين آخرين في الحركة، بأحداث ماء الفرق الشهيرة و حوادث باب سويقة اللتي لطالما أنكرتها الحركة و ندبتها إلى نظام المخلوع الفار (فهل يمكن الحديث عن ثقة و مصداقية لمن كذب علينا طيلة 20 سنة ؟) !
و بدأت بعد ذلك حملة ممنهجة و منظمة على مستوى قواعد الحركة و خاصة في الفايسبوك ، هدفها تشويه كل التيارات السياسية الأخرى و تكفيرها ، لا سيما العلمانية و اليسارية منها ، بل وصل بعض المتعاطفين من الحركة ، اللذين لم يكنهوا بعد معنى الديمقراطية و حق الاختلاف ، الى التوعد باسئصال كل من يجاهر بمعارضته للحركة، وكأني بهم نسوا أو يجهلون خلفيات المحامين الذين رافعوا على أتباع الحركة في السجون ، أمثال راضية النصراوي (زوجة حمة الهمامي) و غيرها كثيرون !
لاحظت بعد ذلك أن الحركة جعت للعب دورها المحبذ ، دور الضحية ، اللذي برعت فيه طيلة سنوات ، و أنا شخصيا لا أنكر أن العديد من مناضليها ذاقوا الأمرين في السجون و الداخلية ، و عذبوا جسديا و نفسيا ، لكن هل كانوا الوحيدين ؟؟؟
في ظل نظام دكتاتوري مهوووس كنظام بن علي ، قمعت جميع فئات الشعب قمعا لا مثيل له ، و هرسل الجميع ، الليبيراليون و اليساريون و القوميون و الإسلاميون ، و عوقب كل حسب ما رآه النظام مناسبا ، و لو أنني لا أريد أن أخوض كثيرا في "فنون" تعذيب بن علي لمعارضيه و لكنني انصح بمطالعة كتاب "الحبس كذاب و الحي يروح" اللذي لخص ما كان يتعرض له الاشتراكيون و الشيوعيون في السجون ، و هي ممارسات أقرب منها للخيال : إلا أن ذاكرة هذا الشعب قصيرة ، فهم لا يذكرون إلا أكثرهم بكاء !
تلت بعد ذلك إختلاق عجيب لحرب عجيبة : الحرب على الإسلام في بلد مسلم من طرف مسلمين !
فقد بدأنا نسمع مصطلح الإسلاموفوبيا يتردد كثيرا ، هل توجد حقا إسلاموفوبيا في تونس المسلمة ؟؟
كان ذلك بعد أن احتكرت النهضة الخطاب الديني و الوجداني و نصبت نفسها بطريقة أو بأخرى حامية للإسلام و ناطقة رسمية باسم الله على الأرض ، دون أن ننسى طبعا الحملة المضحكة اللتي بدأت منذ حوالي سنتين ، و هو حملة أحمق من أن نخوض في تفاصيلها ألا و هي ترسيخ نظرية المؤامرة في عقول المراهقين و الشباب من خلال جعل ما يسمى بالماسونية ساهم فيها بعض مغنيي الراب الجهلة بالتاريخ و الجغرافيا و اللذين لم يبرعوا إلا في الثلب و التهجم على رموز الوطن كالعلم التونسي !!!!
كل هذا ساهم في خلق تعاطف وجداني بحت مع حركة النهضة اللتي كسبت أصوات و قلوب معظم من جعل من عدم وعيهم السياسي و مستواهم الثقافي ضحية نظرية المؤامرة اللذين تطوعوا في نشر البروباڨاندا النهضوية و و أفكارا أخرى مضحكة كربط العلمانية بالإلحاد و الصهيونية و العمالة لاسرائيل و الغرب الكافر الماسوني الصهيوني الملحد المفسد وكال البسيسة ! و هكذا خلق عدو وهمي خاسر للمعركة قبل أن يولد : و هو العلمانيون التوانسة أي كل من لا ينتمي و لا يتعاطف مع حركة النهضة حسب فهم الكثيرين!
خلقت هذه الاجواء المشحونة فضاء مناسبا لعودة التجمعيين و ثورتهم المضادة ، و قد شاهدت بأم عيني تجمعيين للنخاع (و طحينهم سابق) يحرضون ضد و لفائدة طرف من الاطراف ، أي انه يؤلب النهضويين ضد خصومهم السياسيين و يؤلب هؤلاء ضد النهضة !
تخلل ذلك لعبة قذرة لعبتها النهضة و هي استعمال مساجد الله للدعاية لحركتهم و تكفير من يخالفهم (المساجد لله فلا تدعو مع الله إله آخر) حتى أصبحنا نسمع خطبا عن المجلس التأسيسي و وجوب التصويت لممثلي الحركة في دروس دينية تتعلق بالزكاة !!!
و كلنا يذكر الجملة الشهيرة اللتي قالها الحبيب اللوز (قيادي النهضة في صفاقس) في جزيرة جربة أمام حشود غفيرة : "أحنا أهل الإيمان و الإسلام ، و أحنا أحق من الناس الكل بالسلطة" !!!! الله عليك يا شيخ ، و وقتاش تدعو للجهاد ضد المرزوقي و بن جعفر و الشابي و ابراهيم ؟؟؟
ثم و بعد شهر تقريبا من الندوة الصحفية في قاعة البراق بباب سعدون ، اللذي اعترف فيها قياديو النهضة بأحداث ماء الفرق ، يتراجع الغنوشي و يتشنج في برنامج حواري تلفزي و يرفض رفضا قاطعا ما نسب للحركة من أحداث ماء الفرق و باب سويقة ، و بدأنا نسمع من جديد عن مؤامرات بن علي ، و كي لا ننسى ، فإن الغنوشي قال في يوم من الايام ، عندما كان يدخل لقصر قرطاج و يخرج كما لو كان بيته : "ثقتي في الله و في بن علي كبيرة" ، و قال ايضا "نصر الله الاسلام ببن علي" كان ذلك سنة 1987 عندما تقرب بن علي من انصار الحركة و افرج عن الكثيرين منهم ، و كانني بهم نسوا ان المخلوع كان الاداة المفضلة لبورڨيبة في قمع و تعذيب التونسيين عندما كان مسؤولا في الأمن ، لكن أحلام السلطة تسحر و تنسي ..
لكن الغنوشي لم يقف هند ذلك الحد ، فقد قال ايضا :" عندنا ربي الفوق و بن علي اللوطة" !!!
كان ذلك قبل ان يفر الغنوشي الى بريطانيا ، بلده الثاني ، مرورا بالسودان ، و صديقة حسن الترابي اللذي يقال انه زوج الغنوشي إحدى بناته ، لم يكن الترابي الوحيد من بين قيادات الحركات السنية او الشيعية المتطرفة اللذي كان يتقرب اليهم الغنوشي ، فقد كانت له علاقات برؤوس الارهاب في الجزائر ، و افغانستان و الاخوان المسلمين في مصر و غيرهم كثيرون !
و عندما كان ينعم بعيش رغيد في بريطانيا ، كان انصاره في الداخل و الخارج مشتتين ، بعيدين عن عائلاتهم و معزولين ! و قد تسربت وثائق و بيانات من الحركة نفسها تدين الفساد المالي للغنوشي و تخليه عن انصاره ، حيث انسته إياهم الاموال الطائلة و مجهولة المصدر اللذي كان يتحصل عليها الغنوشي !!
هذا غنوشي بريطانيا ، اما عن غنوشي ما بعد 14 جانفي ، فقد أصبح رمزا للخطاب المزدوج و الترهدين ، فهاهو يمجد مجلة الاحوال الشخصية و يراها قراءة ذكية و اجتهادا ، ثم ينقلب عليها و ترفض حركته التوقيع على ميثاق المواطنة التاريخي اللذي وافقت عليه جميع الاحزاب ، و اللذي فصل على مقاس أقوال قياديي الحركة في وسائل الإعلام ، ثم تنخرط ابنته في حملة "شتم" للباجي قايد سبسي ، اللذي لنا تحفظات عديدة عن أداء حكومته طبعا ، لكنها بدأت في مهاجمته بعد أن قال جملته الشهيرة "حتى هو من الارشيف ، اما ماناش فرد حكة" ، و كاننا بها تريد أن تؤلب عليه الرأي العام لأسباب شخصية تخص والدها اللذي ضحك عليه الجميع بعد جملة الباجي ، ذلك الباجي اللذي رفضه الغنوشي من أول ليلة عين فيها و قال بالحرف الواحد لقناة الجزيرة الخوانجية :" لماذا لم يتشاوروا معنا قبل أن يعينوه ؟" ، فمن أنت يا غنوشي كي يتشاوروا معك ؟؟ و بصفتك من ؟؟
و بعد ذلك بدأت النهضة تكشر عن انيابها و زورت انتخابات مجالس حماية الثورة في ثلاثة احياء على الاقل : منها حي التضامن اللذي كان فيه عدد الموتين لا يتجاوز المائتين ، فازت فيه النهضة ب500 صوت كاملة ، و كأننا بالاصوات تكاثرت وسط صناديق الاختراق ، لقد ألهاهم التكاثر و سيلهيهم حتى يزوروا المقابر ...
و بذلك أكدت النهضة أنها ليست ببعيدة عن التجمع الدستوري الديمقراطي اللذي كان يخون فكفرت ، يزور فزورت ، يجهل مصدر تمويله و جهلت مصادر تمويلها ، ينافق فنافقت ... لكن ذلك لم يعد مستغربا فالغنوشي صرح مؤخرا أنه مستعد لقبول التجمعيين بعد أن طالب بإقصائهم كليا مما أحرج حتى أنصاره ..
و بدأت ملامح دكتاتورية جديدة تظهر في الافق.. سبق ذلك تدخل سافر للنهضة يتجاوز صلوحياتها كحركة ، فقد صرح علي بن سالم القايدي في النهضة انهم عزلوا جميع أئمة الجوامع التجمعيين و حافظوا على النظيفين منهم !!!! فبأي هق تنصب الحركة و تعزل أئمة ؟؟ و لماذا لا يقوم المرزوقي أو بن جعفر بذلك مثلا ؟؟؟ و ما هو مقياس نظافة إمام حسب رأي الحركة ؟؟
ألا يمثل ذلك انقلابا على الدولة يذكرنا بالانقلاب العسكري اللتي كانت الحركة تعد له يوم 8 نوفمبر 1987 ؟
و بد هذا ، من اللذي يضمن لي ان الكلام المعسول اللذي يقوله الغنوشي امام وسائل الاعلام صادق ؟؟ اي مصداقية للغنوشي بعد اليوم ؟؟ لقد قال الطالبي : اشك في كلامه ، من انه تحول من رافض كليا للديمقراطية إلى داع اليها !! و انا اشك في ان من قال يوما "الخروج عن الحاكم حرام شرعا" أن يسمح لنا بالتظاهر ضده ، و أشك في أن يكون لمن يصحب معه حافلات تصفيق لكل مدينة ان يكون له الحجم اللذي يصور له !!
و اشك في من ادعى انه لن يترشح لرئاسية ثم بدا حملة انتخابية قبل موعدها أن لا يتلون كالحرباء !!
و اشك في من اثبتت تسريبات ويكيليكس انه متواطئ مع امريكا في سبيل الوصول للحكم نزيها !!
و أشك في من أعد انقلابا عسكريا أن يكون مؤمنا بالانتقال السلمي و الديمقراطي للسلطة !!
و أشك في من يكفر العلمانيين أن يكون محترما للراي المخالف !!
و اشك في من يتغنى له انصاره "طلع البدر علينا" ان يكون رجلا سياسيا !!
لكن اكثر ما يخيفني ، ان الكثيرين يعتبرون ان الديمقراطية لهي تعويض دكتاتورية باخرى !!!
part 1
http://www.facebook.com/video/video.php?v=180409395345032&oid=120211864720806&comments
part 2
http://www.facebook.com/video/video.php?v=180417552010883